السبت، 7 يوليو 2012

لأنها من العاشقين _الجزء الرابع_


بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد 

ومازلتم أعزائي تذهلونني بتشجيعكم ومتابعتكم لقصتي .. فأرجو أن أكون عند حسن توقعاتكم ..
***


(4)
أخذ عليٌّ بيدها وأسرع بها إلى زاوية من البيت وهمس في أذنها :
_ماذا تُعطيني إذا أخبرتكِ بخبرٍ يسركِ في جعبتي ؟
_ قل بسرعة ولاتزد توتري ،لك ماتريد .
_ لا أريد شيئًا فقط اريد أن أفرحكِ ، زينب بإذن الله سوف نذهب إلى الحُسين في الشعبانية .
لم تعِ زينب مايقول أخوها إلا أنها صمتت برهةً والدموعُ في عينيها ،تلك دموع الفرح ،دموع الشوق 

دخلت إلى غرفتها وأخذت تجهش ببكاءٍ عالٍ حتى أحمرَّ محجريها بعدما أصابتها موجةٌ من الصمت، كانت قد نذرت لله نذرًا أن تصلي ألفًا من الركعات تهديها إلى أم البنين إن هي وُفِّقت إلى زيارة المولى الحسين ، وأخذت تهيأ نفسها لأداء النذر وهي تشكر الله على إجابة دعائها وأي دنيا تسع فرحتها بلقاء المعشوق الذي أخذ بجوامع قلبها وروحها بدأت تصلي وتركع حتى أُجهدت وذهبت لتنام وترتاح قليلًا.
كان ذلك اليوم بالرغم من أنه الأربعين وزينب قلبها فيه حزين إلا أنها قريرة العين بخبر الزيارة وبرجوع أبيها وعلي ،علي الذي هو بمثابة الروح لها ففالأيام السالفة افتقدته بشدة وافتقدت أحاديثهما الوجدانية معًا ،افتقدت زيارتهما للإمام الحسين معًا كل صباح. نامت زينب وكلها إرهاق ،وألفت كل الراحة في ذلك النوم.

كان علي يجلس في غرفته وهو يحادث حسينًا :
_لو تعلم يا أخي
كم أتوق لمعرفة حجم سعادة أختك بزيارة سيدي الحسين !
_هنيئاً لكما ،ليتني كنت استطيع الذهاب لكن سأكون منشغلاً في ذلك الوقت ،اتمنى لو اسبقكما .قال كلمته الأخيرة بنظرةٍ ساخرة
_إذن اسبقنا ماذا تنتظر؟ وما الذي يشغلك؟ أبوك لن يذهب في الشعبانية لأنه مشغول بسفرٍِ عمل وأمك لن تترك محمدًا وحده ، لذلك سأذهب أنا مع زينب فقد لا يسعنا الوقت بعد هذه الفرصة.
ظلَّ الأخوان يتحدثان في مواضيع شتى إلى أن قال حسين:
_ أُخيي علي ، أقرر بيني و بين نفسي أن أتغير ،أريد أن أهتم أكثر بأمي ،بالاجتماع معكم وتناول الطعام معكم.
كان علي متكئًا فاستوى جالسًا بسرعة يشجعه على ذلك بحماس
_نعم يا أخي ،قم من الآن واذهب لأمك وتحدث معها ،ستفرح كثيرًا .
خرج حسين من الغرفة وبقي علي يفكر في سفره ويُعد نفسه من الآن ويقول في نفسه سأسافر إلى الجنة ،أخذ يرتب وسادته ثم استلقى على فراشه وسلّم على الحسين واغمض عينيه ليرتاح.
*****
كانت الحادية عشرة صباحًا وقد استيقظ من نومه محمد ،بعد أن رأى والده جاء يقصد غرفة علي .رآه مستلقيًا على فراشه فاقترب إليه يوقظه وكان معتادًا أن يدغدغ أذنه ويستيقظ فورًا ، أخذ محمد يعبث بأذن علي مرارًا ولا من حركة ولم يستجب علي لأخيه.
أسرع محمد إلى أبيه قائلًا :
_أبة ،إن علي لايستيقظ ولايتحرك أبدًا.
_ربما لأنه متعبٌ من السفر يا ولدي
_لكنه لاينام هكذا بعد مجيئه في أسفاره السابقة .
_ لقد أخفتني يا ولدي ،لنذهب إليه .
ذهب الوالد والابن إلى غرفة علي وبدأ أبوه يحرّكه ويكلّمه ولا من مجيب ،جاس نبضه ومن ثم أيقن أن الأمانة قد رُدّت إلى صاحبها .
خرَّ الأب باكيًا بجانب ولده المُسجَّى وهو يخاطب محمدًا :
_ مات أخوك يامحمد ، مات !
_هل تقصد يا والدي أنه ذهب إلى الجنة وتركني ؟!
حينها أجهش الأب بالبكاء واعتلى صوته ،فهرولت أم علي نحوهم لما سمعت صوت البكاء.
_ماذا دهاكم ؟ لماذا تبكون؟
_ ثمرة شبابنا يا خديجة قد ذبُلت ،وأكسير فؤادنا قد فنَى !
حينها صرخت صرخة الثكول وغابت عن وعيها ساقطةً على جسد ولدها الفاني .

انتبهت زينب من نومها منزعجة من كثرة الأصوات ولم تكن تسمع غير أصواتٍ ممزوجةٍ بالبكاء تنادي (حبيبي علي ) . نهضت وأخذت تمشي وتعثرُ في مشيها وقد صارعت روحها ألا تخرج منها حتى وصلت إلى غرفة شقيقها ورأت قلبها ملقىً بجانب أخيها ممزقًا ،فلم تلتفت إلا وهي جالسةٌ عنده واضعةً خدها على كفه الأيمن وتناجيه بصوتٍ محزون يكاد يخبو : (علي ألم نتعاهد أن نلقى الحسين سويًا؟ ألم تعدني أن نشد الرحال إليه معًا؟ لماذا سبقتني إليه؟ ألستُ مشتاقةً إلى قربه مثلك؟ أخي علي لماذا تركتني وحدي ؟ أين العهود التي قطعناها؟ )
وكأن والديها كان ينقصهما حضورها ليبكيا أكثر على فلذة كبدهما ،زينب لم تصرخ ولم تجزع على أخيها لكن كل من رأى حالها لم يرجع دون أن يُجرح قلبه .
مضت أيام العزاء ولم تدَع زينب ليلة تمر عليها دون أن تهَبَ روح أخيها جزءًا من القرآن. واقترب أربعين يومًا على وفاته وكانت تعلم أن والدتها تنوي إقامة مجلس الأربعين يومًا فقالت لها :
_ أماه ،لا أربعين إلا للحسين عليه السلام فنحن لم نعرف الأربعين لغيره
_لكنني جهّزت لذلك يا بنية
_ إن كان كذلك فاقرأي أربعين الحسين وأهدي ثوابها لعلي أخي وقولي أنه مأتم الحسين.
_ نِعم الرأي رأيك يا نور بصري .

مرّت الأيام وقد رفضت زينب الذهاب إلى كربلاء بعد أن ذهب نور عينها ورفيق سفرها وباءت محاولات أبويها بالفشل لاقناعها بالذهاب وأن علي قد سبقها إلى لقاء الحسين ، وكانت ماتزال منذ وافته تجلس كل سحَرٍ في غرفته وتهدي له بعض السور والركعات وتُقلِّب أغراضه تتذكره فيها . ذات ليلةٍ وهي تعبث بوسادته أحسّت أن بداخلها شيء ،حاولت إخراجه وإذا هو مظروفٌ مكتوبٌ عليه (إلى زينب ) ،فأسرعت تريد فتحه.


هناك 5 تعليقات:

  1. رحمك الله ياعلي
    وهنيئاً له مات وفي قلبه كل الشوق للحسين عليه السلام
    وصبر الله قلبكِ يا زينب


    متحمسه لرؤية ما يحويه ذاك المضروف

    دآمت آناملكِ
    غدير

    ردحذف
    الردود
    1. انتظري قليلاً ياغدير وسترين ماذا يحوي
      شكرًا لكِ أخية

      حذف
  2. تعلمتي حركات التشويق زيادة الحماس هاااه ><

    صراحة القصة رهيبة مرة
    وتعور القلب
    وتخلي الدموع تنزل بعد ='(

    ننتظر الاسبوع الجاي بفارغ الصبر


    واااااااصلي نحن معكِ ..

    ردحذف
    الردود
    1. بتول ، نعم لقد تعلمت (ربما من الروايات التي أعطيتني إياها) *ـ^

      شكرًا لكِ غاليتي
      ولولاكم لما استطعت الاستمرار

      حذف
  3. أخيتي فآطِم ..
    سلِمت يُمنآكِ ع الجزء <3
    متشوقه بِ عُنف لِ قرآءة الجزء القآدم =)) !


    إستممري =\

    ردحذف