الاثنين، 24 نوفمبر 2014

على بوابة الساعات..



عشرون يومًا مضت وشيعة زينبٍ ما ذاقوا طعم النوم الهانئ ولا التذّوا بشرب ماءٍ ولا ارتاحوا في لباس، فمولاتهم وسيدة الخدر تمشي مُرغمةً في لُبّ الصحراء القاحلة ولهيب الفقد يشتعلُ في قلبها، ببقايا عباءة مضمّخة بدماءٍ قانية حملتها عند مرورها بالجراح التسعمئة والألف..

عشرون يومًا والعالمة غير المعلّمة تحتار وقت الصلاة أين تُصلّي وكيف تُخفي شخصها عن الرجال، وفي وقت السَحر لا تدري كيف تصلي الليل وتناجي ربّها وهي على ظهر الناقة العجفاء في موكبٍ يحثّ سيرهُ ليل نهار، وقلبها محترقٌ على حال طفلاتها الناعسات لا يعرفن طريقًا للنوم فإذا غفت إحداهن سقطت من فوق ظهر الناقة فتحتار زينب هل تبقى مع الأخريات أم تلحق بمن سقطت فيمشي المحمل بالبقيّة.

ويطلع الصبح من جديد وعيناها محمرّتان من الحزن والسهر والقلق، وانتظار الشام. تنظر إلى زين العابدين فترى ثوبه الأحمر من سيل الدماء، دماء عنقه المكبّل بالحديد والمسامير. وتتأمل كمّ الثقل المعدني على جسده كلّه، والشمس تُرسل حرارتها إلى تلك السلاسل فتتوهّج حرارةً ليحترق جلد الإمام، ويتلوّى..
تتمنى لو تبقى في المسر ولا تصل أرض الشيطان، الشام المشؤومة.

فغدًا تبدأ المصيبة الكُبرى..
غدًا تقفُ ثلاث ساعات في وضح النهار على بوابة الشام تنتظر فراغ عدوها من تزيين بلاده، لأنها بعد كل تلك السنين خرجت من خدرها، مسبيّة!
غدًا تدخل مجلسًا يُعربد فيه الشيطان ويرقص فيه فرحًا على قتل الوحي، بعدما كانت في بيوتٍ أذن الله أن تُرفع.

غدًا يُشار على ابنت فاطِمة بالبنان والضحكات!

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

على لسان خيرة النسوان (5)

    

يسور المرمر الماله مصاعيد
يصل الرمل يمنفر العرابيد
يطير السعد يمعذْب الصياييد
حاطت بيه وفوق الرمح وكّر
***

صهل جواد أبي عند الخيام فهرعت إليه عمتي زينب وأنا خلفها أعدو، فإذا هو محني الظهر دامع العين وسرجهُ ملوي، ويكسو ناصيته دمٌ قانٍ، دم جدّي رسول الله.. خاطبته عمتي تسأله عن والدي وهو لا يجيب إلا بجريان الدموع. خرجنا جميعًا لاطمات الخدود قاصداتٍ المولى التريب فإذا بعدو الله وأقذر خلقه مرتقٍ أعظم مرتقى.. تمنّيت عمي العباس معنا يرى الشمر يضرب عمتي برمحه ويُنحّيها عن جسد الحسين وهي تريد أن تشمّ جراحات والدي وتحسب عددها..

رجعنا للخيمة ولذنا برداء أخي زين العابدين وقلوبنا بين رحى المصاب مطحونة وننتظر كسف الشمس وإعوال الملائكة. ومامن صوتٍ سوى صوت "ملاذي حُسين"..

أتى الزلزال ونكّس أخي رأسه واقتحمت النيران خيماتنا وما درينا ماذا نفعل! حتى جاء صوت خليفة الله "عليكن بالفرار"..

السبت، 1 نوفمبر 2014

على لسان خيرة النسوان (4)






صحت عبّاس هل تسمع يخيّ ماي
سكت مارد صحت طيحن يخيماي
الأرض تبچي على اطفالك يخيماي
طحت بس العرش دنّگ تجيّه
ناصر الصالحي

صوت بكاءٍ مرتفع ضجّ لأجله المخيم ودهُش له الأطفال، هرعت لأرى ما الأمر فإذا بأبي محتضنًا عمي العباس وعيناه تدور والأرض تحتهما تضطرب.. ركضتُ متعثرةً بعباءتي وأشعر بروحي تريد الخروج قبل أن ترى جماله قاصدًا السهام، قبل أن ترى ضوءه خافتًا منخسفا.
التفت إلي وقال بنية ارجعي إلى الخيمة لكي لا يصيبكِ سهمٌ من الأعداء. عمّاهُ دع كل السهام تصيبني، ولا يصيبني سهم فقدك، دع بصري يذهب ولا تذهب أنت يا ماء عيني.. أخذني بين يديه وأتى بي إلى الخيمة، أحتضنته وانتحبت. أخذ يقرأ عليّ آيات الله ثم قام متوجهًا نحو فرسه والريح تتعلّق بردائه وتملأ أنفاسي بعطره. وذهب قاصدًا العلقمي.

والدي وعمتي وكل من في المخيم قلوبهم ترجف وأركانهم منهدّة، وأنا أنظر إلى الراية التي نشرها عمي فوق خيمته وكتَب عليها "نصرٌ من الله وفتحٌ قريب"، لم يذهب عمي يومًا بلا رجعة وقد وعدني بالماء ورؤية جمال غرّته، رحت بجانب عمتي أنظر كيف تتطاير الرؤوس من بين يديه، ليس الرؤوس فحسب بل أجسادهم بكاملها تتطاير من حوله وكأنما نسرٌ جاء يخطف أجسادهم. تهلّل وجهي وارتاح قلبي..

عبّاس هذا إذا ما كرّ مغتَضِبًا
يحيضُ عن وجلٍ من صوتهِ الذكرُ –
 محمد الحرزي

ساعة وإذا بوالدي جاء بلا عمامة، وثيابه مصبوغةٌ بدمٍ مختلف عن بقية الدماء التي جاء بها من قبل، دمٌ له رائحة المسك ورائحة الغيرة..ركضتُ نحوه وما إن رآني حتى صفق براحتيه وعلا صوت نحيبه، ماذا جرى يا أبة؟ أين قرة العين؟ لم يجبني بل مشى محنيّ الظهر نحو الخيمة التي بوجودها ترتاح نفوسنا وقصد إلى عمودها وأرخاه، تهاوت الخيمة على رؤوسنا، على قلوبنا..

تربّع والدي وعمتي زينبُ قبالته ونحنُ حولهما والمكانُ ضجّ من البكاء، والأرض تموج حزنًا من حزن والدي وقد علا صوته قائلاً " واضيعتنا بعدك يا أبا الفضل.."   ،ما كتبته في النهاية مقتبس من كتاب العباس بن علي بطل رائد الكرامة والفداء في الاسلام-باقر القرشي

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

على لسان خيرة النسوان(3)



تنتحبُ وتنشج "حميدة" في حضن والدي، ودموعه تتساقط على رأسها المُثقل بعظم المصيبة، وقلبها أكثر حرارةً من الجمر الملتهب، وهي تجترُّ حديثها من بين الدموع لتقول يا خال إن روحي تتصدّع لفقد والدي، أنا يا خال لم يمرّ ببالي أن سفرهُ هذا يطول ولا أرى نور وجهه أبدًا، لم أدرِ أن روحي لن يحتضنها ظل الأب بعد هذا اليوم. بكى والدي معها وارتفع صوته وهو يقول لها أنا أبوكِ وبناتي أخواتكِ يا بُنية.

 انتحبتُ أنا وعزلت نفسي جانبًا لأبكي متذكرةً ظهر عاشوراء، فحميدة ستفقد والدها الحسين أيضًا، ستتأجج جمرة قلبها أكثر وستُحرق قلبها حزنًا وحسرات، وسأحتضنها وأصيح برفيع صوتي لقد رحل والدي يا حميدة، وضاع أملي وكُل عيشي السعيد قد مات.
نعم انشجي يا حميدة واندبي فهذا اول المصاب، واللهُ معيننا على الآتي، والله كافلنا من بعد الحسين

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

على لسان خيرة النسوان (2)




ظـلام الليـل يلچـمـني ولغراب
غريبه يعوفني ابداري ولغراب
گلِـت تالـي يرِـد ليَّـه ، ولغراب
إجه او گطَّر دِمه نحرك بديَّه

نسيرُ في هذه الصحراء الموحشة وسط أجواءٍ مليئة بالترقب والدموع وكل واحدةٍ فينا تُبدي قلقها للأخرى، وكل الركب متوجهون إلى قبلة والدي الحسين، لا أدري أنُشبع أنظارنا من جماله أم نعوّذه بالله من كل آفةٍ وشيطانٍ مارد! كالشمس يتقدّم الهاشميين ووجهه يتهلّلُ طمأنينةً وعزّة.

ليتكِ يا أختاهُ معي تتأملين وجه أبيكِ وتربتين على كتفي كلما ارتجف مُعلنًا البكاء، ليتكِ معي لأُلقي بنفسي في أحضانكِ، أختكِ الصغيرة يا فاطمة ما عادت تتصبّر على حمل كل هذا.

آهٍ لفاطمة، ما حالها والمنزل أكثر ظلمةً من الظلام وهي وحدها، تارةً تُغشى من ألم المرض وتارةً من الحزن، وحدها في المنازل تتصوّر إحمرار السماء وتنظر دماء الحسين على يديها، وتصرُخ بلا مواسي، تطلُب من الله أن ترى وجه أبي قبل أن تزهق روحها..لكنها لا تراه، تتمنى أن تُقبّل كفيه ورأسه.. لكنه بعيد، بعيدٌ جدًا!


ولا أحد غير غربان الشؤم تصيح في وجهها كل يوم وتخبرها بالحزن العظيم الذي سيقع على قلبها، والفاجعة التي ستحلّ على رأسها. آهٍ يا فاطِمة لحالكِ وحالي.. آهِ لنا بعد يوم العاشر!



*الأبيات بالأعلى للشاعر عادل أشكناني

الأحد، 26 أكتوبر 2014

على لسان خيرة النسوان (1)




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد آل محمد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم
سيطول بعدي ياسكينةُ فاعلمي       منكِ البكاء إذا الحِمام دهاني
فإذا قُتلت فأنتِ أولى                بالذي تأتينهُ يا خيرة النسوانِ
***
 مُذ خرجنا من مدينة جدي رسول الله -صلى الله عليه وآله- والسكون مطبقٌ على رحلنا الهاشمي، كل علويٍ وكل شيءٍ ساكنٌ ويترقّب ما يأتي علينا، إلا صوت دمعة عمتي زينب يخترق كل ذاك السكون ويجعل أرواح الفاطميات مضطربة داخل هوادجها.

أتأمل وجه عمتي لأقرأ من خلال عينيها القلقتين ما الذي يعتلج في فؤادها، عمتي خائفة من أنه حان موعد الحدث الأعظم الذي أخبر به رسول الله، وجه عمتي متغيّر اللون وعينها لا تبارح النظر إلى والدي.

الآن صوت والدي الحسين يأمر الرجال بالتوقف يريد الاستهلال، وعين عمتي زينب تتعلّق بعينه وتنظر معه حيثما نظر. يطأطأ والدي برأسه، يحوقل ويسترجع وبجانبي أنّت المخدّرة أنةً عظيمة خفت عليها أن تزهق روحها على اثرها، فلقد علِمَت أنه حان موعد الحزن المنتظر، حزن فقد الأهل والإخوة الذين لم يُنجَب مثلهم أبد الدهر.

ينكشف جزءٌ من طرف الهودج ويُدخل القمر رأسه إلينا ووجههُ قد ملأه الذهول على أخته العقيلة وينزف جبينهُ غيرةً على ميلان الهودج المقدّس، راح يطمئنها ويقرأ اسم الله على قلبها المرتعب. هنا لم أتمالك نفسي وعيني هطلت كما المطر من مرآهما، فكيف بعمتي بعد عاشوراء وما من عبّاسٍ يقرأ عليها؟ كيف بعمتي وما من ضرغامٍ تستندُ إلى كتفه؟


اقترب عمي ناحيتي ليهمس لي أن لا تخافي وعمّكِ موجود " هل يُخيف سكينة العزيزة هلال؟". بل يا عمّ يخيفها أن يُخسف قمرها الأبيض ببزوغ هذا الهلال!

الخميس، 31 يوليو 2014

الذهاب للمدينة..زيارةٌ أم نزهة!

صورة ثلاثية الأبعاد لجنة البقيع قبل الهدم

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجِّل فرجهم والعن أعداءهم

تُقبل علينا أيام العيد المبارك ليشدَ أكثرنا الرحال إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله فتخلو مدننا وبيوتنا من أهلها قاصدين أرض المدينة، إنه شيءٌ جميل ووصلٌ لرسول الله وأهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم لكننا نرى ونسمع ويا للأسف ما يدمي القلب جراء هذه الزيارة من بعض الغافلين الذين يظنون أفعالهم صائبة ألا أنها لا ترضي نبي الرحمة.

بعض المظاهر السلبية التي تحدث بجوار الرسول (ص):
1-    تردّي الحجاب من بعض الفتيات ولا أُسهب، لكن سؤالي لهن: ألا تعتقدن بأن الصدّيقة الزهراء تراكُنّ وتسمع كلامكن؟ وهل ترضين أن تُقابلنها بهذا الشكل المُخجل؟. فمن اللازم للفتاة المؤمنة أن تتأمل في حجابها قبل الخروج من بيتها لتسأل نفسها :هل هذا يرضي مولاتي الزهراء عليها السلام؟

2-    مما لا يلتفت له الكثير من الناس ويرونه هينًا، ما يتعلّق بهيئة الأطفال في حضرة النبي، فحتى لو كانت طفلة فليس من الاحترام في شيء أن تدخل على النبي وعليها لباس شبه عارٍ، فلو دخل أهلها معها على مرجعٍ كبير لكانوا أحسنوا لباسها.


3-    اتخاذ حضرة الرسول مكانًا للحديث والتقاء الأحبة: ليس عيبًا أن ترى أحدًا من معارفك في الحرم وتسلّم عليه لكن المكان ليس ملائمًا للأحاديث الفارغة، فالأحرى بك الانشغال بالذكر.

4-    التدافع الذي يحصل عند الروضة والصراخ المتعالي هناك من قبل النساء أمرٌ مهين للمرأة المؤمنة لو التفتت لذلك، فلن تركضي ولن تدافعي أو تصرخي لو كنتِ ترين النبي جالسًا أمامكِ! وما دمتِ سلّمتِ على النبي ودعيتِ الله بيقين فسوف يستجيب الله لكِ حتى لو لم تدخلي الروضة أو تمسكي الضريح.


5-    ما يحصل من بعض النساء من رفع أصواتهن عند البقيع المقدّس، فربما تجلس هناك ويجيئها بعض الجلاوزة ويقيمها من مكانها إلا أنها تصرخ بكل جرأة عليه أو كما سمعتُ من البعض بأنهم يصرخون بصوت عالٍ بدعاء الفَرَج عندما يرون أعداء الله! أنا لا أُنكر أن أولئك لايحترمون أحدًا، لكن المرأة الموالية عليها أن تلتفت إلى حشمتها وإلى وجود المعصومين حولها، وهل صراخها في هذا الموضع وكلامها مع الرجال يرضي صاحب الزمان!

مفاهيم خاطئة تتعلق بزيارة النبي (ص):
1-    عندما تتكلم عن رغبتك في البقاء عند النبي شهرًا، ينبري لك أحدهم بل أكثرهم ويقول :"لماذا؟ وكيف تصبر هذه المدة وهناك من يضيّق عليك ؟" أو:" لوكانت كربلاء أو مشهد لكان جميلاً لكن المدينة لا!"

حسنًا أقول لهم:
·         المكان بالمكين فلن تجد راحةً نفسية كالتي تجدها عند رسول الله، ولاتدري ما ثوابك من زيارته.

·        إذا قلّلنا من زيارتنا لأن هناك من يمنعنا من تقبيل الضريح أو دخول البقيع فنحن قد أفرحناهم من حيث لا نعلم فهم يريدون هذا منذ زمن. وماذا لو تحمّلت أذاهم قليلًا لتستشعر ظلامة أهل البيت وتُثاب على الأذى أيضًا؟


·        أما بالنسبة للذين يقولون أن المدينة ليست كربلاء أو مشهد، أليس رسول الله هو الأصل والشجرة التي هم فروعها؟ أم أن ذهابك لمشهد يستلزم البقاء أكثر لزيارة المنتزهات والحدائق وغيرها!

2-    نعرف ونعلم أن الكثير للأسف ورغم بقاءهم في المدينة يومين أو ثلاثة إلا أن ذهابهم للحرم أقل من القليل. فالأسواق أهم، والتمتع بأجواء العيد أهم، وا أسفاه.
ليس حرامًا التنزه حول الأماكن المقدسة بل ربما يكون جيدًا ورائعًا، لكن لايكن غرض سفرك النزهة، وإذا كنت تريدها فاذهب إلى الدول السياحية والأوروبية !

يقول مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله:"من زارني في حياتي أو بعد مماتي فقد زار الله تعالى...." مفاتيح الجنان.
فتأمل إلى عظمة الزائر لرسول الله وجزيل ما يُعطى.
فإذا لم تكن عارفًا برسول الله وأئمة البقيع لا تذهب وتدمي قلوبهم..
إذا لم تكن معتقدًا بأهمية الزيارة لا تذهب لتترك صورةً مشوهة عن أهل بلدك.

وإذا لم تكن متيقنًا بأن أهل البيت يسمعونك ويرونك لا تذهب وتلعب لكي لا يُقال: "هؤلاء شيعةُ جعفر" !

الاثنين، 7 أبريل 2014

اقطعوا الأشجار أو احرقوها !


ما رأيكم أعزائي بشخصٍ لايفعل شيئًا في حياته غير الأكل والنوم وبعض الأعمال المفروضة عليه ويقوم بها متذمّرًا أيضا، هل يوجد فرقٌ بينه وبين الشجرة؟ كلا! فهي أيضًا تتغذّى وتنمو وتنتج ما خُلقت له، أما الإنسانُ الشجرة فلا يجدي نفعًا لهذا الكون الكبير الذي يحتاج إلى إنتاجٍ غزير.
الإنسان الشجرة هو الذي لايهتم لوضع نظامٍ غذائي ومثالي لعقله، هذا المخلوق العظيم الذي يُظلم في كثيرٍ من لأحيان بالرغم من عصمته فيوضعُ على الرف وتراه هامشيًا في أغلب الأوقات.
الأمرُ الذي أدّى إلى الجلوس وسط الطريق ليندب الإنسان الشجرة حظه، ويا ليته شجرة خضراء بل عجوزٌ كل فصولها خريف!
أما إن سألتني كيف يُعرف هذا الصنف من البشر فسوف تراه دائم التذمر، طموحه لا يتعدّى الحصول على وظيفةٍ ذات منصبٍ عال، لم يقرأ سوى كتابين أحدهما روايةٌ عاطفية خالية حتى من البلاغة المفيدة والآخر كتابٌ بغلافٍ ديني كتبهُ أحد المنحرفين عن العقيدة ! .لن تقطف منه أي ثمرة تروي فؤادك سواءً على الصعيد الاجتماعي أو العملي، فكل نصائحه عقيمة المفعول، أيضًا هو دائم التشاؤم بشأن الإقدام على المشاريع الجديدة!

لماذا يجب أن نقتلع الأشجار؟
كما يعلم الجميع عن الغابات كثيرة الأشجار أنها كثيرة الحرائق ايضًا وذلك يعود لأسبابٍ كثيرة منها أن مناخها جاف، وخشية أن يجف مناخنا وتملؤنا الكآبة المانعة للانتاج بسبب كثرة هذا النوع من البشر لا بُد من تدارك الوضع وإزالة هذه الأشجار من جذورها لكيلا يحترق الجميع.

حسنًا..تتساءل الآن، بعد أن اقتلع الشجرة من داخلي كيف أصبحُ قابلًا للإنتاج؟
·        الحل الأول لكل شيءٍ نعاني منه القراءة، اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ وكُن متقنًا وباحثًا دقيقًا للغاية عندما تختار كُتبك، وقلّل من كُتب الهُراء التي تملأ حقائب الشباب هذهِ الأيام ياعزيزي.
·        انصت جيدًا للعالم من حولك ودعهُ يُعلّمك جديدًا كل يوم، فخسارةٌ كبرى أن يمضي يومٌ بلا درس.
·        ضع هدفًا تحبه..انتبه معي جيدًا، هدفًا تحبه لا هدفًا يحبه غيرك مثل أن ترى فلانًا المصوّر قد علا نجمه وذاع صيته فلا يعني ذلك أنك ستصبح مثله، أو ترى لقب "الكاتب" شيئًا مرموقًا فتظن أنك متمكنٌ منها فتتجُ على الفور كتابًا يصدمنا نحن بأنه لايحتوي على فعل الكتابة !
·        أرجوك افعل ما تعتقدُ (فعلًا) أنه مُنتِج ويخدم الإنسانية ومعتقدك قبل كل شيء.
·        حتى تصبح فعّالًا وجيّد الانتاج انصحك بالإطلاع على مجال الإدارة أو حضور دوراتٍ من هذا القبيل، ففي اعتقادي أن كل شيءٍ في حياتنا اليوم يعتمد على الإدارة و وجود القائد الجيد، حتى إن لم تكن قائدًا على مجوعة، أنت قائدُ نفسك.
·        لا تتخاذل أبدًا واستمر في عملك الذي ينتظره الجميع، استمر في ذلك ولو كان داخليًا فقطن لا تجعلهُ ما بداخلك يموت.


والآن.. تخيّل معي، بعد مئة عام وقد توفينا، وقصةُ نموّك تُطبع كتبًا ويتلو اسمك الصغير والكبير مشيدين بنجاحك وما حققته لهم وللعالم من فائدة.. أليس شيئًا يستحق منك النهوض وقطع الأشجار ؟

السبت، 1 فبراير 2014

رجل آيل للسقوط !




"سوف أبدأ الحرب الآن على الجميع"

يصرخ بها داخله قبل أن ينقض على باب غرفته خارجاً إلى صالة المنزل يقصدُ والدته والدخان يتصاعد من قلبه

"لماذا تكرهونني؟ ماذا فعلت زوجتي حتى تهينونها في غيابي؟ "

بعد أن أطفأ جمال ابتسامتها ورأى اتحاد الدموع في عينيها استغاظ واشتعل لصمتها فاستمر يغرس الدبابيس داخل قلبها بشتم أخواته

وقفت أمه، صفعته على وجهه، لتقول           
"لو كنت سأكرهها فيكفيني لذلك تحويلها إياك إلى حرملة ! "


يتذكّر ذاك عند مروره على قبرها حاملاً جثةً صغيرة لطفل..يجثو على قبرها ويناديها: "ها هو حرملة يتجسّد داخلي يا أماه كما قلتِ، قتلتُ ولدي ضرباً كما قتلتكِ بكلماتي آنفاً..قد غضِب الله عليّ! "