السبت، 1 نوفمبر 2014

على لسان خيرة النسوان (4)






صحت عبّاس هل تسمع يخيّ ماي
سكت مارد صحت طيحن يخيماي
الأرض تبچي على اطفالك يخيماي
طحت بس العرش دنّگ تجيّه
ناصر الصالحي

صوت بكاءٍ مرتفع ضجّ لأجله المخيم ودهُش له الأطفال، هرعت لأرى ما الأمر فإذا بأبي محتضنًا عمي العباس وعيناه تدور والأرض تحتهما تضطرب.. ركضتُ متعثرةً بعباءتي وأشعر بروحي تريد الخروج قبل أن ترى جماله قاصدًا السهام، قبل أن ترى ضوءه خافتًا منخسفا.
التفت إلي وقال بنية ارجعي إلى الخيمة لكي لا يصيبكِ سهمٌ من الأعداء. عمّاهُ دع كل السهام تصيبني، ولا يصيبني سهم فقدك، دع بصري يذهب ولا تذهب أنت يا ماء عيني.. أخذني بين يديه وأتى بي إلى الخيمة، أحتضنته وانتحبت. أخذ يقرأ عليّ آيات الله ثم قام متوجهًا نحو فرسه والريح تتعلّق بردائه وتملأ أنفاسي بعطره. وذهب قاصدًا العلقمي.

والدي وعمتي وكل من في المخيم قلوبهم ترجف وأركانهم منهدّة، وأنا أنظر إلى الراية التي نشرها عمي فوق خيمته وكتَب عليها "نصرٌ من الله وفتحٌ قريب"، لم يذهب عمي يومًا بلا رجعة وقد وعدني بالماء ورؤية جمال غرّته، رحت بجانب عمتي أنظر كيف تتطاير الرؤوس من بين يديه، ليس الرؤوس فحسب بل أجسادهم بكاملها تتطاير من حوله وكأنما نسرٌ جاء يخطف أجسادهم. تهلّل وجهي وارتاح قلبي..

عبّاس هذا إذا ما كرّ مغتَضِبًا
يحيضُ عن وجلٍ من صوتهِ الذكرُ –
 محمد الحرزي

ساعة وإذا بوالدي جاء بلا عمامة، وثيابه مصبوغةٌ بدمٍ مختلف عن بقية الدماء التي جاء بها من قبل، دمٌ له رائحة المسك ورائحة الغيرة..ركضتُ نحوه وما إن رآني حتى صفق براحتيه وعلا صوت نحيبه، ماذا جرى يا أبة؟ أين قرة العين؟ لم يجبني بل مشى محنيّ الظهر نحو الخيمة التي بوجودها ترتاح نفوسنا وقصد إلى عمودها وأرخاه، تهاوت الخيمة على رؤوسنا، على قلوبنا..

تربّع والدي وعمتي زينبُ قبالته ونحنُ حولهما والمكانُ ضجّ من البكاء، والأرض تموج حزنًا من حزن والدي وقد علا صوته قائلاً " واضيعتنا بعدك يا أبا الفضل.."   ،ما كتبته في النهاية مقتبس من كتاب العباس بن علي بطل رائد الكرامة والفداء في الاسلام-باقر القرشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق