الأحد، 26 أكتوبر 2014

على لسان خيرة النسوان (1)




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد آل محمد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم
سيطول بعدي ياسكينةُ فاعلمي       منكِ البكاء إذا الحِمام دهاني
فإذا قُتلت فأنتِ أولى                بالذي تأتينهُ يا خيرة النسوانِ
***
 مُذ خرجنا من مدينة جدي رسول الله -صلى الله عليه وآله- والسكون مطبقٌ على رحلنا الهاشمي، كل علويٍ وكل شيءٍ ساكنٌ ويترقّب ما يأتي علينا، إلا صوت دمعة عمتي زينب يخترق كل ذاك السكون ويجعل أرواح الفاطميات مضطربة داخل هوادجها.

أتأمل وجه عمتي لأقرأ من خلال عينيها القلقتين ما الذي يعتلج في فؤادها، عمتي خائفة من أنه حان موعد الحدث الأعظم الذي أخبر به رسول الله، وجه عمتي متغيّر اللون وعينها لا تبارح النظر إلى والدي.

الآن صوت والدي الحسين يأمر الرجال بالتوقف يريد الاستهلال، وعين عمتي زينب تتعلّق بعينه وتنظر معه حيثما نظر. يطأطأ والدي برأسه، يحوقل ويسترجع وبجانبي أنّت المخدّرة أنةً عظيمة خفت عليها أن تزهق روحها على اثرها، فلقد علِمَت أنه حان موعد الحزن المنتظر، حزن فقد الأهل والإخوة الذين لم يُنجَب مثلهم أبد الدهر.

ينكشف جزءٌ من طرف الهودج ويُدخل القمر رأسه إلينا ووجههُ قد ملأه الذهول على أخته العقيلة وينزف جبينهُ غيرةً على ميلان الهودج المقدّس، راح يطمئنها ويقرأ اسم الله على قلبها المرتعب. هنا لم أتمالك نفسي وعيني هطلت كما المطر من مرآهما، فكيف بعمتي بعد عاشوراء وما من عبّاسٍ يقرأ عليها؟ كيف بعمتي وما من ضرغامٍ تستندُ إلى كتفه؟


اقترب عمي ناحيتي ليهمس لي أن لا تخافي وعمّكِ موجود " هل يُخيف سكينة العزيزة هلال؟". بل يا عمّ يخيفها أن يُخسف قمرها الأبيض ببزوغ هذا الهلال!

هناك تعليقان (2):